سورة التوبة - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (التوبة)


        


{مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ} ما صح لهم. {أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله} شيئاً من المساجد فضلاً عن المسجد الحرام وقيل هو المراد وإنما جمع لأنه قبلة المساجد وإمامها فعامره كعامر الجميع ويدل عليه قراءة ابن كثير وأبي عمرو ويعقوب بالتوحيد. {شَهِدِينَ على أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ} بإظهار الشرك وتكذيب الرسول، وهو حال من الواو والمعنى ما استقام لهم أن يجمعوا بين أمرين متنافين عمارة بيت الله وعبادة غيره. روي أنه لما أسر العباس عيره المسلمون بالشرك وقطيعة الرحم وأغلظ له علي رضي الله تعالى عنه في القول فقال: ما بالكم تذكرون مساوينا وتكتمون محاسننا إنا لنعمر المسجد الحرام ونحجب الكعبة ونسقي الحجيج ونفك العاني فنزلت. {أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أعمالهم} التي يفتخرون بها بما قارنها من الشرك. {وَفِى النار هُمْ خالدون} لأجله.


{إِنَّمَا يَعْمُرُ مساجد الله مَنْ ءامَنَ بالله واليوم الآخر وَأَقَامَ الصلاة وَءاتَى الزكواة} أي إنما تستقيم عَمَارتها لهؤلاء الجامعين للكمالات العلمية والعملية ومن عمارتها تزيينها بالفرش وتنويرها بالسرج وإدامة العبادة والذكر ودروس العلم فيها وصيانتها مما لم تبن له كحديث الدنيا، وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى إن بيوتي في أرضي المساجد، وإن زواري فيها عمارها، فطوبى لعبد تطهر في بيته ثم زارني في بيتي فحق على المزور أن يكرم زائره» وإنما لم يذكر الإِيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم لما علم أن الإِيمان بالله قرينة وتمامه الإِيمان به ولدلالة قوله وأقام الصلاة وآتى الزكاة عليه. {وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ الله} أي في أبواب الدين فإن الخشية عن المحاذير جبلية لا يكاد العاقل يتمالك عنها. {فعسى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ المهتدين} ذكره بصيغة التوقع قطعاً لأطماع المشركين في الاهتداء والانتفاع بأعمالهم وتوبيخاً لهم بالقطع بأنهم مهتدون، فإن هؤلاء مع كمالهم إذا كان اهتداؤهم دائراً بين عسى ولعل فما ظنك بأضدادهم، ومنعاً للمؤمنين أن يغتروا بأحوالهم ويتكلوا عليها.


{أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الحاج وَعِمَارَةَ المسجد الحرام كَمَنْ ءامَنَ بالله واليوم الآخر وجاهد فِى سَبِيلِ الله} السقاية والعمارة مصدر أسقى وعمر فلا يشبهان بالجثث بل لا بد من إضمار تقديره أجعلتم أهل سقاية الحاج كمن آمن، أو أجعلتم سقاية الحاج كإيمان من آمن. ويؤيد الأول قراءة من قرأ {سقاة الحاج وعمرة المسجد} والمعنى إنكار أن يشبه المشركون وأعمالهم المحبطة بالمؤمنين وأعمالهم المثبتة ثم قرر ذلك بقوله: {لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ الله} وبين عدم تساويهم بقوله: {والله لاَ يَهْدِى القوم الظالمين} أي الكفرة ظلمة بالشرك ومعاداة الرسول عليه الصلاة والسلام منهمكون في الضلالة فكيف يساوون الذين هداهم الله ووفقهم للحق والصواب، وقيل المراد بالظالمين الذين يسوون بينهم وبين المؤمنين.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8